كان أندراوس رجلاً قديساً ، إدّعى الجنون من أجل المسيح، فسكنت في أندراوس نعمة عظيمة من الله، فكان يعرف أسرار قلوب الناس ، ويتحدث عن الحقيقة في وقتها.
تبدأ القصة مع أندراوس المتباله ، الذي كان يرتدي القليل جداً من الملابس حتى في فصل الشتاء ، جالساً أمام بوابة منزل تلميذه إبيفانيوس ، الذي كان يدرك في قلبه قداسة أندراوس ، ويحتفظ بسرّ سلوكه الغبيّ. .
وبينما كان أندراوس جالساً على الأرض أمام البوابة، جاء شابٌ خصيٌّ كان خادماً لأحد النبلاء.
كان وجهه كالوردة ، وجسده أبيض كالثلج ، جميل الشكل ، أشقر الشعر ، ذو نعومة غير عادية.
وبما أنّ أبيفانيوس قد نشأ معه وكان صديقه، فقد أحبّا بعضهم البعض كثيراً.
وكان هذا الخصيّ يحمل معه تمراً يبلغ عددها نحو ثلاثين حبّة.
وعندما رأى اندراوس ، إنزعج وسأل أبيفانيوس:
"أبيفانيوس العزيز والحبيب ، من هو هذا الرجل ولماذا يجلس عريان ، رغم أنه فصل الشتاء وبرودة لا تحتمل؟ "
أجاب إبيفانيوس:
"أخي العزيز ، لا أعرف ما سأقول عنه ، لأن عقله قد أسَرَهُ الشرير، وهو يتجوَّل كأنه ممسوسٌ ومشَوَّش، مثل هؤلاء الناس الدبن يمزِّقون ملابسهم ويركضون، دون الشعور بأيّ شيء ".
قال هذا لأنه لا يريد أن يكشف فضيلة أندراوس الرجل القدّيس، الذي يدَّعي الجنون.
ولمّا سمع الشاب الخصيُّ ذلك، صمتَ، ورأفَ على الرجل كواحد من الفقراء ، وأعطاه كل حبّات التمر.
وقال:
"خذ هذه فقط الآن ، لأنه ليس لديَّ أي شيء آخر معي".
لكن أندراوس القدّيس ، الذي كان يعرف أسرار قلوب الناس، عرف أعمال روحه ، ونظر إليه بصرامة وقال:
"الحمقى لا يأكلون هديّة الكولوفونيا".
أجاب الخصيّ الذي لم يفهم ما قاله:
"أيّها الرجل المجنون حقاً ، عندما ترى التمر ، هل تظنّ أنها فاكهة من كولوفون؟"
قال له أندراوس المبارك :
"أنت أيّها المخادع ، إذهب إلى غرفة نوم سيدك، وقمْ معه بممارسة اللواط ، حتى يعطيك هدايا أخرى أيضاً. أنت أيّها البائس ، لا ترى أشعّة المملكة من السماء ، الذين لا يعرفون قسوة ومرارة الجحيم. ألا تشعر حتى بالخزي أمام الملاك الذي يرافقكَ كمسيحي؟ إنك تفعل أشياء لا تفعلها الكلاب ولا الخنازير ولا الزواحف ولا الأفاعي.؟ أيها الرجل الملعون ، لماذا تفعل هذا؟! انظر إلى أنك لا تذهب أبعد من ذلك ، لئلا يعاملك الإله كما تستحق ، هناك تحترق بالكامل بنار الجحيم."
فلما سمع الشاب الخصيّ هذا، إرتجف من الخوف ، وإحمرَّ وجهه كالنار، وكان عارُهُ عظيماً.
فقال أبيفانيوس للشاب الخصيّ: يا سيد، ما حدث لك؟ لماذا خجلت؟ ألم أخبرك أنه مجنون ويقول ما يريد؟ ولكن يا صديقي العزيز في الرب، إن كنت تعلم أنك أنت مذنب بشيء ممّا قاله لكَ ، إذهب فوراً وقم بإصلاح نفسكَ، ولا تغضب منه على كلامه! افضل من أن يكون لك عذاب في نار الجحيم.
عندما سمع الشاب الخصيّ هذا، ذهب بعيداً ، في حين أنّ أبيفانيوس قال للقديس أندراوس : "سيدي المبارك ، لماذا وبَّختَ صديقي بصراحة شديدة؟"
أجاب المبارك أندراوس :
"لأنه عزيزٌ عليك ومحبوب ، لذلك أعطيته هذه المحاضرة. فلو لم يكن صديقكَ، لما سمع مني كلمة واحدة. هذه ليست دعوتي، لتوبيخ الخطأَة ، ولكن للسير في الطريق المستقيم الذي يؤدّي إلى حياةٍ أفضل ".
قال أبيفانيوس مرة أخرى :
"أنا أعلم ذلك أيضاً يا رجل الله ، لكن هذا الشاب عبد ، وعندما يقوم سيده على إجباره ، فماذا يمكنه أن يفعل؟"
أجاب القدّيس :
"نعم، أنا أعلم، ولست جاهلاً بذلك ، ولكن يجب على العبد أن يخدم الرجل الذي إشتراه من حيث حاجاته الجسدية ، وليس من أعمال الشيطان ، ولا سيما عندما يأتي إلى هذا الشذوذ الملعون والمثير للاشمئزاز، الذي لا تشارك فيه حتى الحيوانات ".
قال أبيفانيوس :
"إذا أمر السيد عبداً أن يخدم إحتياجاته، سواء كانت جسديّة أو روحية أو خاطئة ، ولم يطيع العبد ، فأنت تعرف بالتأكيد كم سيعاني من سوء المعاملة والضرب ، والتهديد، وتلقّي جميع أنواع العقوبات ".
أجاب القدّيس أندراوس :
"هذا يا بنيّ إستشهاد يسوع المسيح الذي ألمح إليه عندما قال :
"طوبى للمضطهدين من أجل البرّ ، لأن لهم ملكوت السماوات ".
وبالتالي ، إذا لم ينحني العبيد للعاطفة البغيضة للسدومية (اللواط) لدى أسيادهم ، فهم مبارَكين ومبارَكين ثلاث مرات ، لأنهم بفضل العذاب الذي ذكرته، سيُحسَبون من القديسين الشهداء ".