06 Oct
06Oct
إعلان خاص

المجتمع المعاصر ترك المجال أمام المرأة لتنطلق في الحياة الإجتماعية، فدخلت مختلف أبواب العمل فأصبحت الموظفة، والمدرّسة والشرطية والجندية والعاملة، وتوصلت بطاقاتها العلمية والإنسانية إلى مكانة قد يحسدها عليها الرجال فبرزت كثيرات في عملهن وأعتبر نجاح العمل نتيجة جهدهن وتخطيطهن.


لا أحد ينكر كفاءة المرأة وحقها في مساهمتها بتطوير المجتمع ولا رغبتها في كسب مشروع لتأمين رفاهية أوفر لأعضاء أسرتها.


ولذا فعدد النساء العاملات يتكاثر مع الزمن غير أن الصعوبات في التوفيق بين الحياة العائلية والعمل خارج المنزل لا يمكن تجاهلها.


فالاحصائيات بالعالم تدل على أن أربع أخماس وخاصة الفرنسيين يطلبون من حكومتهم تقديم مساعدات مالية للأمهات ، ليتوقفن عن العمل ، عوض تأمين حضانة الولد وترك الأم تعمل، وفي فرنسا بالذات الأكثرية الساحقة يرتأون على الأم التوقف عن العمل لدي ولادة طفل لها.


لا شك أن عمل الأم يزيد في مدخول الأسرة ويوفر لها مالاً يؤمن رفاهية أكبر لأفراد العائلة ، غير ان الاهتمام الشخصي بالبيت والزوج والأولاد يخف، نتيجة انشغال الأم خارج البيت ويتأثر الأولاد من جراء عدم تفرغ الأم لهم، فيشعرون بنوع من الضياع يترك أثراً في سلوكهم وينعكس سلباً على مستقبلهم.


ان مجتمعنا المعاصر يتفق على مُساواة المرأة بالرجل وعلى ضرورة توحيد المعاشات بينهما ولكن عندما نتطرق إلى الكلام عن المرأة التي أصبحت أماً فالرأي يتغيّر .

ليست نتيجة الأبوة عند الرجل والأمومة عند المرأة متشابهة.

فالرجل بأبوته مُتحمس لعمله ويزداد نشاطاً في العمل كلما ازداد عدد الأولاد.


أما الأمهات فيتميزهن بين هويتهن كامرأة وكأم .

قد تجد الامهات متعة شخصية في عملهن، وان كان رتيباً ، لأنه يشكل إنفتاحاً لهن على العالم وعلى الناس.


فالأولاد وديعة ثمينة بين أيادي الأهل وقيمتهم تنبع لا من كونهم جسداً يحتاج إلى غذاء وملبس ، ولا حتى من كونهم عقلاً يجب تثقيفه فحسب ، بل من كونهم روحاً يجب تنميته ليتسامى بالكيان الإنساني إلى مرتبة الخليقة المميزة بين كل الخلائق والتي تسمو بقدر ما توثق ارتباطها بالخالق.


لماذا أو ماذا ينفع هذا السعي وراء تأمين المالية المنزلية ، إذا لم يرافقه تفرغ الأهل لمسؤولية التربية وسعي في إحاطة الأولاد بما يتطلبون من عناية واهتمام معنوي وروحي خلقية كانت أو روحية فهي أهم بكثير من المسؤولية المالية والمادية.


وهذا يفرض نوعاً من التفرغ للحياة الزوجية ، كي يشعر الزوج انه لا يزال يستأثر بمكانته في قلب زوجته وفي حياة الأسرة ككل .


فكيف تستطيع هذه الأم أن تسهم معاً بالأولاد والمنزل والزوج والعمل الخارجي ؟ .


لا أحد يستطيع التعويض عن رعاية الأم لطفلها على الأقل في السنوات الأولى من نموه ، وأنه على الأم أن ترافق نموه الجسدي والثقافي مساهمة في زرع بذور الفضيلة والإيمان بمثلها وتوجيهاتها لكي ينمو الطفل في كل نواحيه الجسمية والعقلية والروحية بطريقة مُتكاملة.


واذا ما تمكنت من الجمع بين العمل والبيت ، فعلى حساب بعضه البعض.


واذ ذاك نراها تصل إلى البيت مُنهكة القوة، قلقة البال ، ولربما منفعلة من جراء حادث مزعج أثناء العمل ، فيؤثر ذلك على جو الأسرة ويبعد عنها بشائر الفرح والسلام .

ولا يفعل عن بالنا ما لدور الأب من أهمية في هذه التربية ، لا سيما من خلال التعاون المشترك بين الوالدين والتفاهم المتبادل لأسلوب التربية ، والتشاور المستمر واشدد على التشاور المستمر لأختيار أسلم طريقة وأنسب تعامل مع الأبناء.


ولذا لا بد من أن يتفرغ الولدان من وقت إلى آخر لجلسة حوار يتدارسان فيها أحوال الأولاد وطريقة تقويم المعوج فيهم وتثبيت المستقيم عندهم ، جلسات الحوار هذه مهمة جداً جداً.


ولا بد من أن يتفرّغ لها الوالدان لخير الأسرة والأولاد اذ أنها تسهم في تقوية روابط المحبة والتفاهم والتعاون بين الزوجين إلى جانب تأمين تربية أفضل للأولاد .


ذلك أن عملية النهوض بالنساء لا ترتبط بالنساء فقط انما ترتبط بأوضاع الحياة وبتغير انماط الفلسفات الاجتماعية.


ومعن ذلك أنها عملية تغيير الانسان من الداخل أكثر مما هي عملية رسمية من الخارج ، وهذا يؤثر على المستوى الحضاري العام .


فمن العسير على الفرد أن يغير الحياة من حوله قبل أن ينجح في تغيير نفسه.


واشتراك المرأة في العمل هو قديم العهد في بلادنا ، منذ مئات السنين ففي الحقل الزراعي كانت المرأة تخرج بجانب زوجها كي تساعده في عمله، وتغنيه عن استئجار اليد العاملة.


ولكن الوضع يختلف في نساء القطعات الأخرى فالعزلة الاجتماعية التي فرضتها عوامل كثيرة لم تسمح لهن بالمشاركة الا من خلال التدريس والتمريض والتطبيب أحياناً بشرط أن يكون ذلك للاحتياج المادي الشديد ، الامر الذي جعل النظرة إلى عمل المرأة يقترن دائماً في ذهن الرأي العالم العربي بالفقر وانعدام الحماية.


والمرأة هي جزء رئيسي في التنمية الاقتصادية بأعتبار أنها نصف القوى البشرية.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.